سورة لقمان - تفسير تفسير البيضاوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (لقمان)


        


{أَلَمْ تَرَ أَنَّ الفلك تَجْرِى فِى البحر بِنِعْمَةِ الله} بإحسانه في تهيئة أسبابه وهو استشهاد آخر على باهر قدرته وكمال حكمه وشمول إنعامه والباء للصلة أو الحال، وقرئ: {الفلك} بالتثقيل و{بنعمات الله} بسكون العين، وقد جوز في مثله الكسر والفتح والسكون. {لِيُرِيَكُمْ مّنْ ءاياته} دلائله. {إِنَّ فِى ذلك لآيات لّكُلّ صَبَّارٍ} على المشاق فيتعب نفسه بالتفكر في الأفاق والأنفس. {شَكُورٍ} يعرف النعم ويتعرف مانحها، أو للمؤمنين فإن الإيمان نصفان نصف صبر ونصف شكر.
{وَإِذَا غَشِيَهُمْ} علاهم وغطاهم. {مَّوْجٌ كالظلل} كما يظل من جبل أو سحاب أو غيرهما، وقرئ كالظلال جمع ظلة كقلة وقلال. د {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} لزوال ما ينازع الفطرة من الهوى والتقليد بما دهاهم من الخوف الشديد. {فَلَمَّا نجاهم إِلَى البر فَمِنْهُمْ مُّقْتَصِدٌ} مقيم على الطريق القصد الذي هو التوحيد، أو متوسط في الكفر لانزجاره بعض الانزجار. {وَمَا يَجْحَدُ بئاياتنا إِلاَّ كُلُّ خَتَّارٍ} غدار فإنه نقض للعهد الفطري، أو لما كان في البحر والختر أشد الغدر. {كَفُورٌ} للنعم.
{يا أيها الناس اتقوا رَبَّكُمْ واخشوا يَوْماً لاَّ يَجْزِى وَالِدٌ عَن وَلَدِهِ} لاَ يقضي عنه، وقرئ: {لا يجزئ} من أجزأ إذا أغنى والراجع إلى الموصوف محذوف أي لا يجزى فيه. {وَلاَ مَوْلُودٌ} عطف على {وَالِدٌ} أو مبتدأ خبره. {هُوَ جَازٍ عَن وَالِدِهِ شَيْئاً} وتغيير النظم للدلالة على أن المولود أولى بأن لا يجزي، وقطع طمع من توقع من المؤمنين أن ينفع أباه الكافر في الآخرة. {إِنَّ وَعْدَ الله} بالثواب والعقاب. {حَقّ} لا يمكن خلفه. {فَلاَ تَغُرَّنَّكُمُ الحياة الدنيا وَلاَ يَغُرَّنَّكُم بالله الغرور} الشيطان بأن يرجيكم التوبة والمغفرة فيجسركم على المعاصي.
{إِنَّ الله عِندَهُ عِلْمُ الساعة} علم وقت قيامها. لما روي أن الحرث بن عمرو أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: متى قيام الساعة؟ وإني قد ألقيت حباتي في الأرض فمتى السماء تمطر؟ وحمل امرأتي أذكر أم أنثى؟ وما أعمل غداً وأين أموت؟ فنزلت. وعنه عليه الصلاة والسلام: «مفاتح الغيب خمس» وتلا هذه الآية. {وَيُنَزّلُ الغيث} في إبانه المقدر له والمحل المعين له في علمه، وقرأ نافع وابن عامر وعاصم بالتشديد. {وَيَعْلَمُ مَا فِى الأرحام} أذكر أم أنثى أتام أم ناقص. {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً} من خير أو شر وربما تعزم على شيء وتفعل خلافه. {وَمَا تَدْرِى نَفْسٌ بِأَىّ أَرْضٍ تَمُوتُ} كما لا تدري في أي وقت تموت. روي أن ملك الموت مر على سليمان فجعل ينظر إلى رجل من جلسائه يديم النظم إليه، فقال الرجل من هذا؟ قال: ملك الموت فقال كأنه يريدني فمر الريح أن تحملني وتلقيني بالهند ففعل فقال الملك: كان دوام نظري إليه تعجباً منه إذ أمرت أن أقبض روحه بالهند وهو عندك، وإنما جعل العلم لله تعالى والدراية للعبد لأن فيها معنى الحيلة فيشعر بالفرق بين العلمين، ويدل على أنه إن أعمل حيلة وأنفذ فيها وسعه لم يعرف ما هو الحق به من كسبه وعاقبته فكيف بغيره مما لم ينصب له دليل عليه، وقرئ: {بأية أرض} وشبه سيبويه تأنيثها بتأنيث كل في {كُلُّهُنَّ}.
{إِنَّ الله عَلِيمٌ} يعلم الأشياء كلها. {خَبِيرٌ} يعلم بواطنها كما يعلم ظواهرها.
وعنه عليه الصلاة والسلام: «من قرأ سورة لقمان كان له لقمان رفيقاً يوم القيامة، وأعطي من الحسنات عشراً عشراً بعدد من عمل بالمعروف ونهى عن المنكر».

1 | 2